فصل: قال أبو السعود:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وروى محمد بن جرير عن السدي في حديث عن ابن عباس وابن مسعود وغيرهما من الصحابة رضي الله عنهم: أن موسى وأمير السحرة التقيا فقال موسى عليه السلام: أرأيتك إن غلبتك أتؤمن بي وتشهد أن ما جئت به الحق؟ قال الساحر: لآتين غدًا بسحر لا يغلبه سحر، فوالله لئن غلبتني لأومنن بك، وفرعون ينظر إليهما ويسمع قولهما، فهذا هو قول فرعون {إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ} واعلم أن هذا يحتمل أنه كان قد حصل، ويحتمل أيضًا أن فرعون ألقى هذا الكلام في البين، ليصير صارفًا للعوام عن التصديق بنبوة موسى عليه السلام.
قال القاضي: وقوله: {قَبْلَ أَنْ ءاذَنَ لَكُمْ} دليل على مناقضة فرعون في ادعاء الإلهية، لأنه لو كان إلهًا لما جاز أن يأذن لهم في أن يؤمنوا به مع أنه يدعوهم إلى إلهية غيره، ثم قال: وذلك من خذلان الله تعالى الذي يظهر على المبطلين.
أما قوله: {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} لا شبهة في أنه ابتداء وعيد، ثم إنه لم يقتصر على هذا الوعيد المجمل، بل فسره فقال: {لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مّنْ خِلاَفٍ ثُمَّ لاَصَلّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ} وقطع اليد والرجل من خلاف معروف المعنى، وهو أن يقطعهما من جهتين مختلفتين، أما من اليد اليمنى والرجل اليسرى، أو من اليد اليسرى والرجل اليمنى، وأما الصلب فمعروف فتوعدهم بهذين الأمرين العظيمين، واختلفوا في أنه هل وقع ذلك منه؟ وليس في الآية ما يدل على أحد الأمرين.
واحتج بعضهم على وقوعه بوجوه:
الأول: أنه تعالى حكى عن الملأ من قوم فرعون أنهم قالوا له: {أَتَذَرُ موسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ في الأرض} [الأعراف: 127] ولو أنه ترك أولئك السحرة وقومه أحياء وما قتلهم، لذكرهم أيضًا ولحذرهم عن الإفساد الحاصل من جهتهم.
ويمكن أن يجاب عنه بأنهم دخلوا تحت قومه فلا وجه لإفرادهم بالذكر.
والثاني: أن قوله تعالى حكاية عنهم: {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا} يدل على أنه كان قد نزل بهم بلاء شديد عظيم، حتى طلبوا من الله تعالى أن يصبرهم عليه.
ويمكن أن يجاب عنه بأنهم طلبوا من الله تعالى الصبر على الإيمان وعدم الالتفات إلى وعيده.
الثالث: ما نقل عن ابن عباس رضي الله عنه أنه فعل ذلك وقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، وهذا هو الأظهرمبالغة منه في تحذير القوم عن قبول دين موسى عليه السلام.
وقال آخرون: إنه لم يقع من فرعون ذلك، بل استجاب الله تعالى لهم الدعاء في قولهم: {وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ} لأنهم سألوه تعالى أن يكون توفيهم من جهته لا بهذا القتل والقطع وهذا الاستدلال قريب. اهـ.

.قال السمرقندي:

{قَالَ فِرْعَوْنُ ءامَنتُمْ بِهِ} يعني: صدقتم بموسى {قَبْلَ أَنْ ءاذَنَ لَكُمْ} يعني: قبل أن آمركم بالإيمان بموسى.
قرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر آمنتم.
وقرأ الباقون بغير مد بهمزتين ومعناهما واحد ويكون استفهامًا.
إلا عاصم في رواية حفص قرأ آمنتم بهمزة واحدة بغير مد على وجه الخبر.
{إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ في المدينة} يعني: صنعًا صنعتموه فيما بينكم وبين موسى في المدينة {لِتُخْرِجُواْ مِنْهَا أَهْلَهَا} يعني: إنكم أردتم أن تخرجوا الناس من مصر بسحركم.
ثم قال لهم: {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} يعني: تعلمون ماذا أفعل بكم {لأقَطّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مّنْ خِلاَفٍ} يعني: اليد اليمنى والرجل اليسرى {ثُمَّ لاأصَلّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ} على شاطئ نهر مصر. اهـ.

.قال ابن عطية:

وقول فرعون {قبل أن آذن لكم} دليل على وهن أمره لأنه إنما جعل ذنبهم مفارقة الإذن ولم يجعله نفس الإيمان إلا بشرط، وقرأ عاصم في رواية حفص عنه في كل القرآن {آمنتم} على الخبر، وقرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر {آمنتم} بهمزة ومدة على الاستفهام وكذلك في طه والشعراء، وقرأ حمزة والكسائي في الثلاثة المواضيع {أآمنتم} بهمزتين الثانية ممدودة، ورواها الأعمش عن أبي بكر عن عاصم، وقرأ ابن كثير في رواية أبي الأخريط عنه {وآمنتم} وهي على ألف الاستفهام إلا أنه سهلها واوًا فأجرى المنفصل مجرى المتصل في قولهم تودة في تؤدة، وقرأ قنبل عن القواس {وآمنتم} وهي على القراءة بالهمزتين {اآمنتم} إلا أنه سهل ألف الاستفهام واوًا وترك ألف أفعلتم على ما هي عليه، والضمير في {به} يحتمل أن يعود على اسم الله تعالى، ويحتمل أن يعود على موسى عليه السلام، وعنفهم فرعون على الإيمان قبل إذنه ثم ألزمهم أن هذا كان على اتفاق منهم، وروي في ذلك عن ابن عباس وابن مسعود: أن موسى اجتمع مع رئيس السحرة واسمه شمعون فقال له موسى: أرأيت إن غلبتكم أتؤمنون بي فقال له نعم، فعلم بذلك فرعون، فلذلك قال: {إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة}.
ثم قال للسحرة {لأقطعن أيديكم وأرجلكم} الآية، فرجع فرعون في مقالته هذه إلى الخذلان والغشم وعادة ملوك السوء إذا غولبوا، وقرأ حميد المكي وابن محصن ومجاهد {لأقْطَعن} بفتح الهمزة والطاء وإسكان القاف، {ولأصْلُبن} بفتح الهمزة وإسكان الصاد وضم اللام، وروي بكسرها، و{من خلاف} معناه يمنى ويسرى.
قال القاضي أبو محمد: والظاهر من هذه الآيات أن فرعون توعد وليس في القرآن نص على أنه أنفذ ذلك وأوقعه، ولكنه روي أنه صلب بعضهم وقطع، قال ابن عباس: فرعون أول من صلب وقطع من خلاف، وقال ابن عباس وغيره فيهم: أصبحوا سحرة وأمسوا شهداء، وأما التوعد فلجميعهم. اهـ.

.قال أبو حيان:

{قال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم}.
قرأ حفص {أمنتم} على الخبر في كل القرآن أي فعلتم هذا الفعل الشنيع وبّخهم بذلك وقرعهم، وقرأ العربيان ونافع والبزي بهمزة استفهام ومدة بعدها مطولة في تقدير ألفين إلا ورشًا فإنه يسهل الثانية ولم يدخل أحد ألفًا بين المحققة والملينة وكذلك في طه والشعراء، وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر فيهن بالاستفهام وحققا الهمزة وبعدها ألف وقرأ قنبل هنا بإبدال همزة الاستفهام واوًا الضمة نون فرعون وتحقيق الهمزة بعدها أو تسهيلها أو إبدالها أو إسكانها أربعة أوجه وقرأ في طه مثل حفص وفي الشعراء مثل البزي هذا الاستفهام معناه الإنكار والاستبعاد والضمير في {به} عائد على الله تعالى لقولهم: {قالوا آمنا برب العالمين}، وقيل يحتمل أن يعود على موسى وفي طه والشعراء يعود في قوله له على موسى لقوله: {إنه لكبيركم}، وقيل آمنت به وآمنت له واحد في قوله: {قبل أن آذن لكم} دليل على وهن أمره لأنه إنما جعل ذنبهم بمفارقة الإذن ولم يجعله نفس الإيمان إلا بشرط.
{إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها} أي صنيعكم هذا لحيلة احتلتموها أنتم وموسى في مصر قبل أن تخرجوا منها إلى هذه الصحراء وتواطأتم على ذلك لغرض لكم وهو أن تخرجوا منها القبط وتسكنوا بني إسرائيل قال هذا تمويهًا على الناس لئلا يتبعوا السحرة في الإيمان روي عن ابن مسعود وابن عباس أن موسى عليه السلام اجتمع مع رئيس السحرة شمعون فقال له موسى أرأيت إن غلبتكم أتؤمنون بي فقال له نعم فعلم بذلك فرعون فقال ما قال انتهى، ولما خاف فرعون أن يكون إيمان السحرة حجة قومه ألقى في الحال نوعين من الشبه أحدهما إنّ هذا تواطؤ منهم لا أنّ ما جاء به حق والثاني {إن ذلك طلب منهم للملك}.
{فسوف تعلمون} تهديد ووعيد ومفعول {تعلمون} محذوف أي ما يحلّ بكم أبهم في متعلق {تعلمون} ثم عين ما يفعل بهم فقال مقسمًا: {لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لأصلبنكم أجمعين} لما ظهرت الحجة عاد إلى عادة ملوك السوء إذا غلبوا من تعذيب من ناوأهم وإن كان محقًّا ومعنى {من خلاف} أي يد يمنى ورجل يسرى والعكس، قيل هو أول من فعل هذا، وقيل المعنى من أجل الخلاف الذي ظهر منكم والصلب التعليق على الخشب وهذا التوعد الذي توعده فرعون السحرة ليس في القرآن نص على أنه أنفذه وأوقعه بهم ولكن روي في القصص أنه قطع بعضًا وصلب بعضًا وتقدم قول قتادة، وروي عن ابن عباس أنهم أصبحوا سحرة وأمسوا شهداء، وقرأ مجاهد وحميد المكي وابن محيصن {لأقطعن} مضارع قطع الثلاثي و{لأصلبنكم} مضارع صلب الثلاثي بضم لام {لأصلبنكم} وروي بكسرها وجاء هنا {ثم} وفي السورتين {ولأصلبنكم} بالواو فدل على أن الواو أريد بها معنى ثم من كون الصلب بعد القطع والتعدية قد يكون معها مهلة وقد لا يكون. اهـ.

.قال أبو السعود:

{قَالَ فِرْعَوْنُ} منكِرًا على السحرة موبِّخًا لهم على ما فعلوه: {آمَنْتُم بِهِ} بهمزة واحدة إما على الإخبار المحضِ المتضمِّنِ للتوبيخ أو على الاستفهام التوبيخيِّ بحذف الهمزةِ كما مر في إن لنا لأجرًا، وقد قرئ بتحقيق الهمزتين معًا بتحقيق الأولى وتسهيلِ الثانية بيْنَ بيْنٍ أي آمنتم بالله تعالى: {قَبْلَ أَنْ ءاذَنَ لَكُمْ} أي بغير أن آذنَ لكم كما في قوله تعالى: {لَّوْ كَانَ البحر مِدَادًا لكلمات رَبّى لَنَفِدَ} لا أن الإذنَ منه ممكنٌ في ذلك {إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ} يعني أن ما صنعتموه ليس مما اقتضى الحالُ صدورَه عنكم لقوة الدليلِ وظهور المعجزة بل هو حيلةٌ احتملتموها مع مواطأة موسى {فِى المدينة} يعني مصرَ قبل أن تخرجوا إلى الميعاد. روي أن موسى عليه الصلاة والسلام وأميرَ السحرةِ التقيا فقال له موسى: أرأيتَك إن غلبتُك أتؤمن بي وتشهد أن ما جئتُ به الحقُّ، فقال الساحرُ: والله لئن غلبتَني لأومننَّ بك وفرعونُ يسمعهما، وهو الذي نشأ عنه هذا القول: {لِتُخْرِجُواْ مِنْهَا أَهْلَهَا} أي القِبْطَ وتخلُصَ هي لك ولبني إسرائيلَ، وهاتان شبهتان ألقاهما إلى أسماع عوامِّ القِبطِ عند معاينتهم لارتفاع أعلامِ المعجزةِ ومشاهدتِهم لخضوع أعناقِ السحرةِ لها وعدم تمالُكِهم من أن يؤمنوا بها ليمنعهم بهما عن الإيمان بنبوة موسى عليه الصلاة والسلام بإراءة أن إيمانَ السحرةِ مبنيٌّ على المواضعة بينهم وبين موسى وأن غرضَهم بذلك إخراجُ القوم من المدينة وإبطالُ مُلْكِهم، ومعلومٌ أن مفارقةَ الأوطانِ المألوفةِ والنعمةِ المعروفةِ مما لا يُطاق به فجمع اللعينُ بين الشبهتين تثبيتًا للقِبطَ على ما هم عليه وتهييجًا لعداوتهم له عليه الصلاة والسلام ثم عقبهما بالوعيد ليُريَهم أن له قوةً وقدرةً على المدافعة فقال: {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} أي عاقبة ما فعلتم، وهذا وعيدٌ ساقه بطريق الإجمالِ للتهويل ثم عقبه بالتفصيل فقال: {لأقَطّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مّنْ خِلاَفٍ} أي من كل شقَ طرَفًا {ثُمَّ لأصَلّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ} تفصيحًا لكم وتنكيلًا لأمثالكم. وقيل: هو أول من سن ذلك فشرعه الله تعالى لقُطّاع الطريق تعظيمًا لجُرمهم ولذلك سماه الله تعالى محاربةً لله ورسوله. اهـ.

.قال الألوسي:

{قَالَ فِرْعَوْنُ} منكرًا على السحرة موبخًا لهم على ما فعلوه {ءامَنْتُمْ بِهِ} أي برب موسى وهرون أو بالله تعالى لدلالة ذلك عليه أو بموسى عليه السلام قيل لقوله تعالى في آية أخرى: {آمَنْتُمْ لَهُ} [طه: 71] فإن الضمير فيها له عليه السلام لقوله سبحانه: {إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ} [طه: 71] الخ، والمقصود من الجملة الخبرية التوبيخ لأن الخبر إذا لم يقصد به فائدته ولا لازمها تولد منه بحسب المقام ما يناسبه، وهنا لما خاطبهم الجبار بما فعلوا مخبرًا لهم بذلك مع ظهور عدم قصد إفادة أحد الأمرين والمقام هو المقام أفاد التوبيخ والتقريع، ويجوز أن تقدر فيه الهمزة بناء على اطراد ذلكوالاستفهام للانكار بمعنى أنه لا ينبغي ذلك، ويؤيد ذلك قراءة حمزة والكسائي وأبي بكر عن عاصم وروح عن يعقوب {أَءمِنتُمْ} بهمزتين محققتين وتحقيق الأولى وتسهيل الثانية بين بين مما قرئ به أيضًا.
{قَبْلَ أَنْ ءاذَنَ لَكُمْ} أي قبل أن آملاكم أنا بذلك وهو على حد قوله تعالى: {لَنَفِدَ البحر قَبْلَ أَن تَنفَدَ كلمات رَبّى} [الكهف: 109] لا أن الاذن منه في ذلك وأصل آذن أأذن بهمزتين الأولى للتكلم، والثانية من صلب الكلمة قلبت الفا لوقوعها ساكنة بعده مة {إِنَّ هَذَا} الصنيع {لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ} لحليلة احتلتموها أنتم وموسى وليس مما اقتضى الحال صدوره عنكم لقوة الدليل وظهور المعجزة، وهذا تمويه منه على القبط يريهم أنهم ما غلبوا ولا انقطعت حجتهم، قيل: وكذا قوله: {قَبْلَ أَنْ ءاذَنَ لَكُمْ} [الأعراف: 321] {فِى المدينة} أي في مصر قبل أن تخرجوا إلى الميعاد.
أخرج ابن جرير.
وأبو الشيخ عن ابن مسعود وناس من الصحابة قال: التقى موسى عليه السلام وأمير السحرة فقال له موسى: أرأيتك أن غلبتك أتؤمن بي وتشهد أن ما جئت به حق فقال الساحر: لآتين غدًا بسحر لا يغلبه سحر فوالله لئن غلبتني لأمنن بك ولأشهدن أنك حق وفرعون ينظر إليهم وهو الذي نشأ عنه هذا القول: {لِتُخْرِجُواْ مِنْهَا أَهْلَهَا} أي القبط وتخلص لكم ولبني إسرائيل {وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} عاقبة ما فعلتم، وهذا وعيد ساقه بطريق الإجمال للتهويل ثم عقبه بالتفصيل فقال: {لأقَطّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مّنْ خِلاَفٍ} أي من كل جانب عضوًا مغايرًا للآخر كاليد من جانب والرجل منآخر، والجار في موضع الحال أي مختلفة، والقول بأن {من} تعليلية متعلقة بالفعل أي لأجل خلافكم بعيد {ثُمَّ لاَصَلّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ} تفضيحًا لكم وتنكيلًا لأمثالكم، والتصليب مأخوذ من الصلب وهو الشد على خشبة أو غيرها وشاع في تعليق الشخص بنحو حبل في عنقه ليموت وهو المتعارف اليوم، ورأيت في بعض الكتب أن الصلب الذي عناه الجبار هو شد الشخص من تحت الإبطين وتعليقه حتى يهلك، وهوكقطع الأيدي والأرحجل أول من سنه فرعون على ما أخرجه ابن المنذر وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما، وشرعه الله تعالى لقطاع الطريق تعظيمًا لجرمهم، ولهذا سماه سبحانه محاربة لله ولرسوله. اهـ.